وإنّما احتجّ بالأفول دون البزوغ مع أنّه أيضا انتقال ، لأنّ الاحتجاج بالأفول أظهر ، فإنّه انتقال مع خفاء واحتجاب ، ولأنّه رأى الكوكب الّذي يعبدونه في وسط السماء حين حاول الاستدلال.
قيل : إنّه كان استدلاله في نفسه في زمان مهلة النظر الّذي هو أوّل زمان التكليف ، فحكاه الله سبحانه. والقول الأوّل أظهر ، لقوله : (لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي) ، ولقوله : (يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ).
ولمّا تبرّأ منها توجّه إلى موجدها ومبدعها الّذي دلّت هذه الممكنات عليه ، فقال : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي : للّذي دلّت هذه المحدثات على أنّه صانعها ، ومبدعها الّذي دبّر أحوالها ، ومسيرها وانتقالها ، وطلوعها وأفولها. (حَنِيفاً) مائلا عن الشرك إلى التوحيد (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
(وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢))
روى المفسّرون أنّ إبراهيم عليهالسلام ولد في زمان نمرود بن كنعان. وزعم بعضهم