لمّا نزلت شقّ ذلك على الصحابة وقالوا : أيّنا لم يظلم نفسه. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ليس ما تظنّون ، إنّما هو ما قال لقمان لابنه : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (١).
ولبس الإيمان بالظلم أن يصدّق بوجود الصانع الحكيم ، ويخلط بهذا التصديق الإشراك به. وقيل : المراد بالظلم المعصية.
(وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣))
(وَتِلْكَ) إشارة إلى ما احتجّ به إبراهيم من قوله : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ) إلى قوله : (وَهُمْ مُهْتَدُونَ) ، أو من قوله : (أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ). (حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ) أرشدناه إليها ، ووفّقناه لها ، وأخطرناها بباله (عَلى قَوْمِهِ) متعلّق بـ «حجّتنا» إن جعل خبر «تلك» ، وبمحذوف إن جعل بدله ، أي : آتيناها إبراهيم حجّة على قومه.
(نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) من المؤمنين في العلم والحكمة. وقرأ الكوفيّون ويعقوب بالتنوين (٢). (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ) في رفعه وخفضه (عَلِيمٌ) بحال من يرفعه ، واستعداده له.
(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥)
__________________
(١) لقمان : ١٣.
(٢) وقرأ الباقون : درجات ، بالإضافة.