خير ، وفيه علم الأوّلين والآخرين ، وفيه الحلال والحرام ، وهو باق إلى آخر التكليف لا يرد عليه نسخ (مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) يعني : التوراة والإنجيل وسائر الكتب المتقدّمة قبله.
(وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) معطوف على ما دلّ عليه صفة «كتاب» ، كأنّه قيل : للبركات وللتصديق لما تقدّمه من الكتب ، وللإنذار. أو علّة محذوف ، أي : ولتنذر أهل أمّ القرى أنزلناه. وإنّما سمّيت مكّة أمّ القرى. لأنّها مكان أوّل بيت وضع للناس ، ولأنّها قبلة لأهل القرى ومحجّهم ، ولأنّها أعظم القرى شأنا ، ولأنّ الأرض بأسرها دحيت من تحتها ، فكأنّها تولّدت منها. وقرأ أبو بكر عن عاصم بالياء ، أي : لينذر الكتاب. (وَمَنْ حَوْلَها) أهل الشرق والغرب.
(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) فإنّ من صدّق بالآخرة خاف العاقبة ، ولا يزال الخوف يحمله على النظر والتدبّر حتى يؤمن بالكتاب أو النبيّ ، لدلالة الكلام عليه. والضمير يحتملهما ، ويحافظ على الطاعة.
وتخصيص الصلاة لأنّها عماد الدين وعلم الإيمان ، ومن حافظ عليها كانت له لطفا في المحافظة على أخواتها.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣))
ولمّا تقدّم ذكر نبوّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنزال الكتاب عليه ، عقّبه سبحانه بذكر تهجين الكفّار الّذين كذّبوه أو ادّعوا أنّهم يأتون بمثل ما أتى به ، فقال : (وَمَنْ أَظْلَمُ