حمل الإعراض على ما يعمّ الكفّ عنهم.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ) توحيدهم وعدم إشراكهم جبرا وقسرا (ما أَشْرَكُوا) أي :لاضطرّهم إلى الإيمان بالقسر والجبر ، ولكنّ الجبر مناف للتكليف الذي هو مناط استحقاق الثواب والعقاب ، فلم يشأ ذلك. ولا يجوز أن يكون المعنى : أنّه تعالى لا يريد إيمان الكافر ، فلذلك لم يؤمن ، لأنّ مراده واجب الوقوع كما قالت الأشعريّة ، لأنّ إرادة الكفر قبيح ، والقبح على الله محال.
وفي تفسير أهل البيت عليهمالسلام : لو شاء الله أن يجعلهم كلّهم مؤمنين معصومين حتّى كان لا يعصيه أحد ، لما كان يحتاج إلى جنّة ولا إلى نار ، ولكنّه أمرهم ونهاهم وامتحنهم ، وأعطاهم ماله به عليهم الحجّة من الآلة والاستطاعة ، ليستحقّوا الثواب والعقاب.
(وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) رقيبا لأعمالهم (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) بموكّل عليهم بذلك ، وإنّما أنت رسول عليك البلاغ وعلينا الحساب. وجمع بين حفيظ ووكيل لاختلاف معنى اللفظين ، فإنّ الحافظ للشيء هو الّذي يصونه عمّا يضرّه ، والوكيل على الشيء هو الّذي يجلب الخير إليه.
(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨))
ثمّ نهى الله تعالى المؤمنين أن يسبّوا الأصنام ، لما في ذلك من المفسدة ، فقال : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي : ولا تذكروا آلهتهم الّتي يعبدونها بما فيها من القبائح (فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً) تجاوزا عن الحقّ إلى الباطل (بِغَيْرِ عِلْمٍ)