(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠٩) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠))
ثمّ بيّن سبحانه حال الكفّار الّذين سألوه الآيات المقترحة ، فقال : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) مصدر في موقع الحال ، أي : حلفوا بالله مجدّين مجتهدين.
والداعي لهم إلى هذا القسم والتأكيد فيه التحكّم على الرسول في طلب الآيات ، واستحقار ما رأوا منها. (لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ) من مقترحاتهم (لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) هو قادر عليها ، يظهر منها ما يشاء ، وليس شيء منها بقدرتي ومشيئتي (وَما يُشْعِرُكُمْ) وما يدريكم (أَنَّها) أنّ الآيات المقترحة (إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ).
يعني : أنا أعلم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون ، وأنتم لا تدرون. وذلك أنّ المؤمنين كانوا يطمعون في إيمانهم عند مجيء تلك الآيات ، فيتمنّون مجيئها ، فأخبرهم الله تعالى أنّهم لا يدرون ما سبق علمه به من أنّهم لا يؤمنون. والاستفهام للإنكار ، أنكر السبب ـ وهو مجيء الآية ـ مبالغة في نفي المسبّب ، وهو الايمان. ففيه تنبيه على أنّه تعالى إنّما لم ينزلها لعلمه بأنّها لا يؤمنون بها إذا جاءت.
وقيل : «لا» مزيدة. وعلى قراءة الفتح قيل : «أن» بمعنى : لعلّ ، إذ قرأ أبيّ : لعلّها ، من قولهم : ائت السوق أنّك تشتري لحما.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم ويعقوب : «إنّها» بالكسر ، على أنّ الكلام قد تمّ قبله ، كأنّه قال : وما يشعركم ما يكون منهم ، ثمّ أخبرهم بما علم.