بعدها ينسخها أو يبدّل أحكامها.
وقرأ الكوفيّون ويعقوب : كلمة ربّك ، أي : ما تكلّم به ، أو القرآن.
(وَهُوَ السَّمِيعُ) لما يقولون (الْعَلِيمُ) بما يضمرون ، فلا يهملهم.
(وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (١١٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١١٧))
ولمّا تقدّم ذكر الكتاب بيّن سبحانه أنّ من تبع غير هذا الكتاب ضلّ وأضلّ ، فقال : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) أي : أكثر الناس ، يريد الكفّار ، أو الجهّال ، أو أتباع الهوى. وقيل : أهل مكّة. (يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) عن الطريق الموصل إليه ، فإنّ الضالّ في غالب الأمر لا يأمر إلّا بما فيه ضلال.
(إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) وهو ظنّهم أنّ آباءهم كانوا محقّين ، فهم يقلّدونهم. أو جهالاتهم وآراؤهم الفاسدة ، فإنّ الظنّ يطلق على ما يقابل العلم. وفيه : أنّه لا عبرة في معرفة الحقّ بالكثرة ، وإنّما الاعتبار بالحجّة. (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) يقدّرون أنّهم على شيء. أو يكذبون على الله فيما ينسبون إليه ، كاتّخاذ الولد ، وجعل عبادة الأوثان وصلة إليه ، وتحليل الميتة ، وتحريم البحائر. وحقيقة الخرص ما يقال عن ظنّ وتخمين.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) أي : أعلم بالفريقين. و «من» موصولة أو موصوفة في محلّ النصب بفعل دلّ عليه «أعلم» ، وهو : يعلم ، لا به ، فإنّ أفعل لا ينصب الظاهر في مثل ذلك. أو استفهاميّة مرفوعة بالابتداء ، والخبر «يضلّ». والجملة معلّق عنها الفعل المقدّر.
وفي هذا دلالة على أنّ الضلال والإضلال من فعل العبيد ، خلاف ما يقول