حنيفة بين العمد والنسيان. ومن ذهب إلى جواز أكل ما لم يذكر عليه اسم الله بنسيان أو عمد ، أوّله بالميتة ، أو بما ذكر غير اسم الله عليه.
وعند أصحابنا الإماميّة أنّ المسلم إذا لم يسمّ الله متعمّدا لم تحلّ ذبيحته ، وإذا كان ناسيا حلّ أكلها بعد أن يكون معتقدا لوجوب التسمية ، وأنّ ذبائح الكفّار كلّهم محرّم ، أهل الكتاب وغيرهم ، من سمّى منهم ومن لم يسمّ ، لأنّهم لا يعرفون الله تعالى على الوجه الصحيح والطريق الحقّ.
(وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) الضمير لـ «ما». ويجوز أن يكون للأكل الّذي دلّ عليه «لا تأكلوا».
(وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ) ليوسوسون (إِلى أَوْلِيائِهِمْ) من الكفّار (لِيُجادِلُوكُمْ) بقولهم : تأكلون ما قتلتم أنتم وجوارحكم ، كالصقر والبازي والكلب وغيرها ، وتدعون ما قتله الله تعالى. وهو يؤيّد التأويل بالميتة. (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ) في استحلال ما حرّم (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) فإنّ من ترك طاعة الله إلى طاعة غيره وأتبعه فيه أشرك به. وإنّما حسن حذف الفاء فيه ، لأنّ الشرط بلفظ الماضي.
(أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) يستضيء به بين الناس. مثّل به من هداه الله تعالى وأنقذه من الضلال ، وجعل له نور الحجج والآيات ، يتأمّل بها في الأشياء ، فيميّز بين الحقّ والباطل ، والمحقّ والمبطل. وقرأ نافع ويعقوب : ميّتا على الأصل.
(كَمَنْ مَثَلُهُ) صفته. وهو مبتدأ ، وخبره : (فِي الظُّلُماتِ) أي : كمن صفته هذه ، وهي قوله : (فِي الظُّلُماتِ) أي : خابط فيها ، كقوله : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ) (١). (لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها) لا ينفكّ منها ولا يتخلّص. حال من المستكن في الظرف ، لا من الهاء في «مثله» ، للفصل. وهو مثل لمن بقي على الضلالة ، لا يفارقها بحال.
وإنّما سمّى الله تعالى الكافر ميّتا ، لأنّه لا ينتفع بحياته ، ولا ينتفع غيره بحياته ،
__________________
(١) محمد : ١٥.