فهو أسوأ حالا من الميّت ، إذ لا يوجد من الميّت ما يعاقب عليه ، ولا يتضرّر غيره به. وسمّى المؤمن حيّا ، لأنّ له ولغيره المصلحة والمنفعة في حياته.
(كَذلِكَ) كما زيّن للمؤمنين إيمانهم (زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي :زيّنه الشيطان ، أو الله عزّ وعلا ، على قوله : (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) (١). عن الحسن : زيّنه والله لهم الشيطان وأنفسهم. والآية نزلت في حمزة وأبي جهل. وقيل : في عمّار وأبي جهل.
(وَكَذلِكَ) أي : وكما جعلنا في مكّة صناديدها ليمكروا فيها ، كذلك (جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها) اللام للعاقبة. والمعنى : خلّيناهم وشأنهم ، ولم نكفّهم عن المنكر. وخصّ الأكابر لأنّهم أقوى في حملهم على الضلال والمكر بالناس ، وهو كقوله : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) (٢). (وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ) لأنّ وباله يحيق بهم (وَما يَشْعُرُونَ) ذلك.
وهذه الآية تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتقديم موعد بالنصرة عليهم.
(وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤))
روي أنّ الوليد بن المغيرة قال : لو كانت النبوّة حقّا لكنت أولى بها منك ، لأنّي أكبر منك سنّا ، وأكثر منك مالا.
__________________
(١) النمل : ٤.
(٢) الإسراء : ١٦.