عاقبة الدار الحسنى الّتي خلق الله هذه الدار لها؟ فمحلّها الرفع ، وفعل العلم معلّق عنه. وإن جعلت خبريّة بمعنى : الّذي ، فالنصب بـ «تعلمون» أي : فسوف تعرفون الّذي تكون له العاقبة. وفيه مع الإنذار إنصاف في المقال وحسن الأدب ، وتنبيه على وثوق المنذر بأنّه محقّ.
وقرأ حمزة والكسائي : يكون بالياء ، لأنّ تأنيث العاقبة غير حقيقي.
(إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) وضع «الظالمون» موضع : الكافرون ، لأنّه أعمّ وأكثر فائدة.
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (١٣٦))
ثمّ عاد الكلام إلى حجاج المشركين وبيان اعتقاداتهم الفاسدة ، فقال : (وَجَعَلُوا) يعني : كفّار مكّة ومن تقدّمهم من المشركين (لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ) خلق (مِنَ الْحَرْثِ) من الزرع (وَالْأَنْعامِ) أي : المواشي ، من الإبل والبقر والغنم (نَصِيباً) حظّا (فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ) أي : قد زعموا أنه لله ، والله لم يأمرهم بذلك (وَهذا لِشُرَكائِنا) يعني : الأوثان. وإنّما جعلوها شركاءهم لأنّهم أشركوها في أموالهم وأفعالهم.
روي أنّهم كانوا يعيّنون شيئا من حرث ونتاج لله ، ويصرفونه إلى الضيفان والمساكين ، وشيئا منهما لآلهتهم ، وينفقونه على سدنتها ، ويذبحونه عندها. ثمّ إن رأوا ما عيّنوا لله أزكى وأنمى بدّلوه بما لآلهتهم ، وإن رأوا ما لآلهتهم أزكى تركوه لها ،