على أنّه لازم لهم لا يمكن ردّه عنهم.
(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (١٤٨) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩))
ولمّا تقدّم الردّ على المشركين لاعتقاداتهم الباطلة ، ردّ سبحانه عليهم مقالتهم الفاسدة ، فقال : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) هذا إخبار بما سوف يقولونه. ووقوع مخبره يدلّ على إعجازه. (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ) زعموا أنّ شركهم وشرك آبائهم وتحريمهم ما حرّموه ، بمشيئة الله وإرادته ، ولولا أنّه شاء ذلك لم يكن شيء منه. وهذا مذهب المجبّرة بعينه. ولا شكّ في بطلان مذهبهم ، فإنّ الله تعالى ركّب في العقول ما دلّ على علمه بالقبائح ، وبراءته عن مشيئة القبائح وإرادتها ، وأخبر أنبياءه بذلك ، فمن علّق وجود الكفر بمشيئة الله فقد كذّب الله وكتبه ورسله ، ونبذ أدلّة العقل والسمع وراء ظهره.
(كَذلِكَ) أي : مثل هذا التكذيب الّذي صدر من هؤلاء (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الرسل والكتب وأدلّة العقل (حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) عذابنا الّذي أنزلنا عليهم بتكذيبهم.
(قُلْ) تهكّما عليهم (هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ) من أمر معلوم يصحّ الاحتجاج به فيما قلتم (فَتُخْرِجُوهُ) فتظهروه (لَنا) وهذا من التهكّم والشهادة بأن مثل قولهم