لحدّة أذهاننا ، وثقابة أفهامنا ، ولذلك تلقّفنا فنونا من العلم ، كالقصص والأشعار والخطب ، على أنّا أمّيّون.
(فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) حجّة واضحة ، ودلالة ظاهرة تعرفونها ، وهو القرآن. هذا تبكيت لهم ، فإنّه جواب الشرط المقدّر ، تقديره : إن صدقتم فيما كنتم تعدّونه من أنفسكم فقد جاءكم بيّنة من ربّكم (وَهُدىً) يهتدي به الخلق إلى النعيم المقيم والثواب الجسيم (وَرَحْمَةٌ) ونعمة لمن تأمّل فيه وعمل به.
(فَمَنْ أَظْلَمُ) لنفسه (مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ) بعد أن عرف صحّتها وصدقها ، أو تمكّن من معرفتها (وَصَدَفَ عَنْها) أعرض أو صدّ عنها ، فضلّ أو أضلّ (سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ) يعرضون (عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ) شدّته (بِما كانُوا يَصْدِفُونَ) بإعراضهم أو صدّهم.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٥٨))
ثمّ توعّدهم سبحانه بقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ) أي : ما ينتظرون؟ يعني : أهل مكّة. وهم وإن كانوا غير منتظرين لذلك ، لكن لمّا كان يلحقهم لحوق المنتظر شبّهوا بالمنتظرين (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) ملائكة الموت أو العذاب. وقرأ حمزة والكسائي بالياء. (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) أي : أمره بالعذاب وكلّ آياته ، يعني : آيات القيامة والهلاك الكلّي ، بدلالة قوله : (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) يعني : أشراط الساعة ، كطلوع الشمس من مغربها ، وغير ذلك.
وعن حذيفة والبراء بن عازب : «كنّا نتذاكر الساعة إذ طلع علينا رسول