ومن تخلّف عنها غرق».
وقرأ حمزة والكسائي : فارقوا ، أي : باينوا دينهم.
(وَكانُوا شِيَعاً) فرقا تشيع كلّ فرقة إماما. وعن الباقر عليهالسلام : «أنّهم أهل الضلالة ، وأصحاب الشبهات والبدع». ورواه أيضا أبو هريرة وعائشة مرفوعا.
(لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) أي : من السؤال عنهم وعن تفرّقهم ، أو من عقابهم.
أو أنت بريء منهم ، وعلى المباعدة التامّة من الاجتماع معهم في شيء من مذاهبهم الفاسدة. وقيل : هو نهي عن التعرّض لهم. وهو منسوخ بآية السيف (١).
(إِنَّما أَمْرُهُمْ) والحكم بينهم في اختلافهم ، ومجازاتهم على سوء أفعالهم (إِلَى اللهِ) يتولّى جزاءهم (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ) بالعقاب (بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) بفعلهم القبيح.
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٦٠))
ولمّا ذكر سبحانه الوعيد على المعاصي ، عقّبه بذكر الوعد وتضعيف الجزاء في الطاعات ، فقال : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) بالخصلة الواحدة من خصال الطاعات (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها). أقيمت الصفة مقام الموصوف ، أي : عشر حسنات أمثالها ، فضلا من الله تعالى. وقرأ يعقوب : عشر بالتنوين ، وأمثالها بالرفع على الوصف.
وهذا اقلّ ما وعد من الأضعاف ، فقد وعد بالواحد سبعين ، وسبعمائة ، وبغير حساب. ولذا قيل : المراد بالعشر الكثرة دون العدد. وذلك من عظم فضل الله ، وجزيل إنعامه على عباده ، حيث لا يقتصر في الثواب على قدر الاستحقاق ، بل يزيد عليه ، وربما يعفو عن ذنوب المؤمنين منّا منه عليهم وتفضّلا ، وإن عاقب على قدر الاستحقاق عدلا ، كما قال : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) بالخصلة الواحدة (فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) قضيّة للعدل. فمضاعفة الحسنات فضل ، ومكافأة السيّئات عدل.
__________________
(١) التوبة : ٥ و٢٩.