الاتّباع الواجب والندب والمباح ، لأنّه يجب أن يعتقد في كلّ منها ما أمر الله به ، كما يجب أن يعتقد في الحرام وجوب اجتنابه.
(وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ) من دون الله (أَوْلِياءَ) يضلّونكم عن دين الله وعمّا أمركم باتّباعه من الجنّ والإنس. وقيل : الضمير في «دونه» لـ «ما أنزل» ، أي : ولا تتّبعوا من دون دين الله دين أولياء.
وعن الحسن : يا ابن آدم أمرت باتّباع كتاب الله وسنّة نبيّه ، والله ما أنزلت آية إلّا ويحبّ أن تعلم فيم نزلت وما معناها.
(قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) أي : تذكّرا قليلا أو زمانا قليلا تذكّرون ، حيث تتركون دين الله وتتّبعون غيره. و «ما» مزيدة لتأكيد القلّة. وإن جعلت مصدريّة لم ينتصب «قليلا» بـ «تذكّرون». وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم : تذكرون ، بحذف التاء وتخفيف الذال. وابن عامر : يتذكّرون بالغيبة ، أي : ما يتذكّر هؤلاء يا محمد.
ومعنى التذكّر أن تأخذ في الذكر شيئا بعد شيء ، مثل التفقّه والتعلّم.
(وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (٤) فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاَّ أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٥))
ولمّا تقدّم الأمر منه سبحانه للمكلّفين باتّباع القرآن ، والتحذير من مخالفته والتذكير ، عقّب ذلك بتذكيرهم ما نزل بمن قبلهم من العذاب ، وتحذيرهم أن ينزل بهم ما نزل بأولئك ، فقال : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ) أي : وكثيرا من أهل القرى (أَهْلَكْناها) أردنا إهلاك أهلها لفرط عصيانهم وعنادهم (فَجاءَها) فجاء أهلها (بَأْسُنا) عذابنا (بَياتاً) بائتين ، كقوم لوط. مصدر وقع موقع الحال. (أَوْ هُمْ قائِلُونَ) عطف عليه ، أي : قائلين نصف النهار ، كقوم شعيب. يعني : فجاءهم عذابنا في هذين الوقتين : وقت البيات ، ووقت القيلولة. وتخصيص هذين الوقتين لأنّهما وقت الغفلة