وقيل : توزن الأشخاص ، لما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّه ليأتي العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة ، لقوله : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) (١).
(فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) فمن رجحت أعماله الموزونة الّتي لها وزن وقدر ، وهي الحسنات. أو ما يوزن به حسناته. وحينئذ جمعه باعتبار اختلاف الموزونات وتعدّد الوزن ، بأن يكون لكلّ نوع من أنواع الطاعات يوم القيامة ميزان. ويؤيّده ما جاء في الخبر : «أنّ الصلاة ميزان ، فمن وفي استوفى».
فهو جمع موزون أو ميزان.
(فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الفائزون بالنجاة والثواب.
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) فيكذّبون بدل التصديق ، ويكتسبون ما عرّضوها للعذاب ، فيضيّعون الفطرة السليمة الّتي فطرت عليها. والخسران ذهاب رأس المال ، ومن أعظم رأس المال النفس ، فإذا أهلك نفسه بسوء عمله فقد خسر نفسه.
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (١٠))
ثمّ ذكر سبحانه نعمه على البشر ، بالتمكين في الأرض وما خلق فيها من الأرزاق ، مضافا إلى نعمه السابغة عليهم ، بإنزال الكتب وإرسال الرسل ، فقال : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ) أي : جعلنا لكم فيها مكانا وقرارا ، أو أقدرناكم على التصرّف فيها ، وملّكناكم فيها.
(وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) أسبابا تعيشون بها. جمع معيشة ، وهي ما يعاش
__________________
(١) الكهف : ١٠٥.