والقول الأوّل مرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام.
وعلى التقادير ؛ جمع الله تعالى في هذه الآية التوصية بين حفظ النفس والمال الّذي هو شقيقها ، من حيث إنّه سبب قوامها ، استبقاء لهم ، ريثما تستكمل النفوس وتستوفي فضائلها ، رأفة ورحمة عليهم ، ولهذا قال بعد ذلك : (إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) أي : أمر ما أمر ونهى عمّا نهى لفرط رحمته عليكم. ومعناه : أنّه كان بكم يا أمّة محمّد رحيما ، لأنّه أمر بني إسرائيل بقتل الأنفس ، ونهاكم عنه.
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) إشارة إلى القتل ، أو ما سبق من المحرّمات (عُدْواناً وَظُلْماً) إفراطا في التجاوز عن الحقّ ، وأخذا على غير وجه الاستحقاق. وقيل : أراد بالعدوان التعدّي على الغير ، وبالظلم ظلم النفس بتعريضها للعقاب. (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً) ندخله نارا مخصوصة شديدة العذاب (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) لا عسر فيه ، ولا صارف عنه.
(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١))
ولمّا قدّم سبحانه ذكر السيّئات عقّبه بالترغيب في اجتنابها ، فقال : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ) كبائر الذنوب الّتي نهاكم الله ورسوله عنها (نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) نغفر لكم صغائركم ، ونمحها عنكم (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) الجنّة وما وعد فيها من الثواب ، أو إدخالا مع كرامة.
وقرأ نافع بفتح الميم. وهو أيضا يحتمل المكان والمصدر.
واختلف في الكبائر ، والأقرب أنّ الكبيرة كلّ ذنب رتّب الشارع عليه حدّا ، وصرّح بالوعيد فيه. وقيل : ما علم حرمته بقاطع.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّها سبع : الإشراك بالله ، وقتل النفس الّتي حرّم الله ، وقذف