وقيل : كما بدأكم من التراب تعودون إليه.
وقيل : كما بدأكم حفاة عراة غرلا (١) تعودون.
وقيل : معناه : تبعثون على ما متّم عليه ، المؤمن على إيمانه ، والكافر على كفره.
(فَرِيقاً هَدى) وهم المؤمنون ، وفّقهم للإيمان (وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) أي : الخذلان ، إذ لم يقبلوا الهدى ، ولم يكن لهم لطف ، فهم يضلّون ولا يهتدون.
و «فريقا» منصوب بفعل مضمر يفسّره ما بعده ، والتقدير : وخذل فريقا حقّ عليهم الضلالة. وهذا دليل على أنّ علم الله لا أثر له في ضلالهم ، وأنّهم هم الضالّون باختيارهم.
(إِنَّهُمُ) الفريق الّذين حقّ عليهم الضلالة (اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ) أطاعوهم فيما أمروهم (مِنْ دُونِ اللهِ). وهذا تعليل لخذلانهم ، وتحقيق لضلالتهم ، ودليل على أنّ مولاهم في الضلالة الشيطان دون الله. (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) وهم مع ذلك يظنّون أنّهم في ذلك على هداية وحقّ.
(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١))
ولمّا تقدّم ذكر ما أنعم سبحانه على عباده من اللباس والرزق ، أمرهم في اثرها بتناول الزينة والتستّر والاقتصاد في المأكل والمشرب ، فقال : (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ) ثيابكم الّتي تتزيّنون بها (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أي : كلّ صلاة.
وروى العيّاشي بإسناده : «أنّ الحسن بن عليّ عليهالسلام كان إذا قام إلى الصلاة لبس
__________________
(١) غرل الصبيّ : لم يختن ، فهو أغرل ، وجمعه : غرل.