تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣))
ولمّا كانت عادة الله تعالى جارية في أن يشفع الوعيد بالوعد ، فقال بعد ذلك : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). الجملة الفعليّة بين المبتدأ ـ وهو الموصول ـ وخبره ـ وهو اسم الإشارة ـ للترغيب في اكتساب ما لا يبلغه وصف الواصف من النعيم الدائم ، مع الإجلال والتعظيم بما هو في الوسع ، وهو الإمكان الواسع غير الضّيق من الإيمان والعمل الصالح.
(وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) أي : نخرج من قلوبهم أسباب الحقد والحسد والعداوة في الجنّة. أو نطهّرها منه حتّى لا يكون بينهم إلّا التوادّ والتعاطف ، وإن رأوا رجلا أرفع درجة منهم. (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) زيادة في لذّتهم وسرورهم.
(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) لموجب هذا الفوز العظيم والأجر الجسيم (وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ) وما كان يستقيم أن نكون مهتدين (لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) لو لا هداية الله وتوفيقه. واللام لتوكيد النفي. وجواب «لولا» محذوف دلّ عليه ما قبله.
وقرأ ابن عامر : ما كنّا بغير واو ، على أنّها مبيّنة للأولى.
(لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِ) فاهتدينا بإرشادهم. يقولون ذلك ابتهاجا وفرط سرورهم بأنّ ما علموه يقينا في الدنيا صار لهم عين اليقين في الآخرة ، وتلذّذا بالتكلّم به ، لا تعبّدا وتقرّبا.
(وَنُودُوا) يناديهم مناد من جهة الله (أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ) إذا رأوها من بعيد ،