(الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً) مبتدأ خبره : (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) أي : استؤصلوا ، كأن لم يقيموا بها. والمغنى : المنزل.
(الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ) أي : هم المخصوصون بالخسران العظيم دينا ودنيا ، لا الّذين صدّقوه واتّبعوه كما زعموا : فإنّهم الرابحون في الدارين.
وللتنبيه على هذا والمبالغة فيه كرّر الموصول ، واستأنف بالجملتين ، وأتى بهما اسميّتين. ففي هذا الاستئناف والتكرار تسفيه لرأي الملأ ، وردّ لمقالتهم.
(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ) لمّا رأى إقبال العذاب عليهم (وَقالَ) تاسّفا بهم ، لشدّة حزنه عليهم : (يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) لقد أعذرت إليكم في النصيحة ، وإبلاغ الرسالة ، والتحذير ممّا حلّ بكم ، فلم تصدّقوني.
ثم أنكر على نفسه فقال : (فَكَيْفَ آسى) أحزن جدّا ، فإنّ الأسى شدّة الحزن (عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ) الّذين ليسوا أهل حزن ، لاستحقاقهم ما نزل عليهم بكفرهم. أو قال هذا اعتذارا عن عدم شدّة حزنه عليهم. والمعنى : لقد بالغت في الإبلاغ والإنذار ، وبذلت وسعي في النصح والإشفاق ، فلم تصدّقوا قولي ، فكيف أحزن عليكم وأنتم لستم أحقّاء بالأسى؟!
(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (٩٤) ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٩٥))
ثمّ ذكر سبحانه بعد ما اقتصّ من قصص الأنبياء ، وتكذيب أممهم إيّاهم ، وما نزل بهم من العذاب ، سنّته في أمثالهم ، تسلية لنبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ) بالبؤس ، وهو الفقر (وَالضَّرَّاءِ) وهو