(إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) فهو يعلم ما يستحقّه كلّ إنسان ، فيفضّل عن علم وتبيان.
(وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٣٣))
ثم عاد سبحانه إلى ذكر المواريث ، فقال : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) أي : ولكلّ تركة جعلنا ورّاثا يلونها ويحرزونها. و «ممّا ترك» بيان «لكلّ» مع الفصل بالعامل. أو المعنى : ولكلّ ميّت جعلنا ورّاثا ممّا ترك ، على أنّ «من» صلة «موالي» ، لأنّه في معنى الوارث الّذي هو أولى بالإرث. وفي ترك ضمير «كلّ» و «الوالدان» و «الأقربون» استئناف مفسّر للموالي ، كأنّه قيل : من هم؟ فيجاب : الوالدان والأقربون. أو : ولكلّ قوم جعلناهم موالي حظّ ممّا ترك الوالدان والأقربون ، على أن «جعلنا موالي» صفة «لكلّ» والراجع إليه محذوف.
(وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) المراد بالموصول موالي الموالاة. كان الرجل في الجاهليّة يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك ، وهدمي (١) هدمك ، وحربي حربك ، وسلمي سلمك ، وترثني وأرثك ، وتعقل عنّي وأعقل عنك ، فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف. فنسخ بقوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) (٢). أو المراد الأزواج ، على أنّ المراد عقد النكاح.
وعلى التقديرين ؛ الموصول مع صلته مبتدأ ضمّن معنى الشرط ، وخبره (فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) أي : فأعطوهم نصيبهم. أو منصوب بمضمر يفسّره ما بعده ،
__________________
(١) الهدم : المهدر من الدماء. يقال : دمه هدم ، أي : هدر.
(٢) الأنفال : ٧٥.