(وَالْقُمَّلَ) وأرسل عليهم القمّل بعد ارتفاع عذاب الجراد. قيل : هي كبار القردان (١). وقيل : أولاد الجراد قبل نبات أجنحتها. وقيل : البراغيث. وكان يقع في أطعمتهم ، ويدخل بين أثوابهم وجلودهم فيمصّها ، ففزعوا إليه فرفع عنهم. فقالوا : قد تحقّقنا الآن أنّك ساحر.
(وَالضَّفادِعَ) أي : ثمّ أرسلناها عليهم بحيث لا يكشف ثوب وطعام إلّا وجدت فيه. وكانت تمتلئ منها مضاجعهم ، وتثب إلى قدورهم وهي تغلي ، وأفواههم عند التكلّم. فضجّوا وفزعوا إلى موسى ، وقالوا : ارحمنا هذه المرّة ولا نعودنّ. فدعا فكشف عنهم ، ولم يؤمنوا.
(وَالدَّمَ) أي : بعد رفع عذاب الضفادع عنهم أرسلنا عليهم الدم ، فصارت مياههم دما ، وإذا شربه الاسرائيلي كان ماء. وكان القبطي يقول للاسرائيلي : خذ الماء في فيك وصبّه في فيّ ، فكان إذا صبّه في فم القبطي تحوّل دما. وعطش فرعون حتّى أشرف على الهلاك ، فكان يمصّ الأشجار الرطبة ، فإذا مضغها صار ماءها الطيّب الحلو ملحا أجاجا. وقيل : المراد منه الرعاف.
(آياتٍ) نصب على الحال (مُفَصَّلاتٍ) مبيّنات ظاهرات ، لا تشكل على عاقل أنّها آيات الله تعالى ونقمته عليهم. أو مفصّلات لامتحان أحوالهم أيوفون بما وعدوا من أنفسهم أم ينكثون؟ إلزاما للحجّة عليهم ، إذ كان بين كلّ آيتين منها شهر ، وكان امتداد كلّ واحدة أسبوعا. وقيل : إنّ موسى لبث فيهم بعد ما غلب السحرة عشرين سنة يريهم هذه الآيات على مهل.
(فَاسْتَكْبَرُوا) عن الإيمان (وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) مصرّين على الكفر والمعاصي.
(وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ) يعني : العذاب المفصّل ، أو الطاعون الّذي أرسله الله عليهم بعد ذلك (قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ).
__________________
(١) القرد والقراد ، وجمعه قردان : دويبّة تتعلّق بالبعير ونحوه ، وهي كالقمّل للإنسان.