فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) والحال أنّه خصّكم بنعم لم يعطها غيركم. والهمزة للإنكار والتعجّب من طلبهم عبادة غير الله تعالى ، مع كونهم مغمورين في نعم الله. وفيه تنبيه على سوء معاملتهم ، حيث قابلوا تخصيص الله إيّاهم من بين أمثالهم بما لم يستحقّوه تفضّلا ، بأن قصدوا أن يشركوا به أخسّ شيء من مخلوقاته.
ثمّ فصّل إعطاء النعم عليهم بقوله : (وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) واذكروا صنيعه تعالى معكم في هذا الوقت. وقرأ ابن عامر : أنجاكم. (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ) يبغونكم شدّة العذاب ، من : سام السلعة إذا طلبها. وهذا استئناف لبيان ما أنجاهم منه. أو حال من المخاطبين ، أو من آل فرعون ، أو منهما. (يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) بدل منه مبيّن. وقرأ نافع : يقتلون بالتخفيف. (وَفِي ذلِكُمْ) إشارة إلى الإنجاء أو العذاب (بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) نعمة أو محنة عظيمة منه.
(وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (١٤٢) وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (١٤٣))
ثمّ بيّن تعالى تمام نعمته على بني إسرائيل ، فقال : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ