(وَدَرَسُوا ما فِيهِ) وقرءوا ما فيه. عطف على «ألم يؤخذ» من حيث المعنى ، فكأنّه قيل : أخذ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا ما فيه ، فإنّه تقرير. أو على «ورثوا» ، وهو اعتراض.
(وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ) من ذلك العرض الحقير (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) ممّا يأخذ هؤلاء (أَفَلا تَعْقِلُونَ) فيعلموا ذلك ، ولا يستبدلوا الأدنى المؤدّي إلى العقاب بالنعيم المخلّد. وقرأ نافع وابن عامر وحفص ويعقوب بالتاء على التلوين.
(وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) عطف على (الَّذِينَ يَتَّقُونَ). وقوله : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) اعتراض ، أي خير للّذين لا يحرّفونه ولا يكتمونه ، ويعملون بكلّ ما فيه.
(وَأَقامُوا الصَّلاةَ) إفراد إقامتها لإنافتها على سائر أنواع التمسّكات. ويجوز أن تكون الجملة الموصولة مبتدأ خبره : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) على تقدير : منهم. أو وضع الظاهر موضع المضمر ، تنبيها على أنّ الإصلاح كالمانع من التضييع.
وقرأ أبو بكر : يمسكون بالتخفيف.
(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١))
ثمّ عاد الكلام إلى قوم موسى عليهالسلام فقال : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ) أي : قلعناه ورفعناه فوقهم ، كقوله : (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) (١). وأصل النتق الجذب. (كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) سقيفة. وهي : كلّ ما أظلّك. (وَظَنُّوا) وتيقّنوا (أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) ساقط عليهم ، لأنّ الجبل لا يثبت في الجوّ ، ولأنّهم كانوا يوعدون به ، وذلك لأنّهم أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة ، فرفع الله الطور على رؤوسهم مقدار عسكرهم ، وكان فرسخا
__________________
(١) البقرة : ٦٣.