إلى ما ينجيهم ، قبل مفاجأة الموت ونزول العذاب؟ (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ) أي : بعد القرآن (يُؤْمِنُونَ) إذا لم يؤمنوا به؟ وهو النهاية في البيان ، كأنّه إخبار عنهم بالطبع والتصميم على الكفر بعد إلزام الحجّة والإرشاد إلى النظر.
قال في الكشّاف : «قوله : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ) متعلّق بقوله : (عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) كأنّه قيل : لعلّ أجلهم قد اقترب ، فما بالهم لا يبادرون إلى الايمان بالقرآن قبل الفوت؟ وماذا ينتظرون بعد وضوح الحقّ؟ فإن لم يؤمنوا به فبأيّ حديث أحقّ منه يريدون أن يؤمنوا به» (١).
(مَنْ يُضْلِلِ اللهُ) أي : يخلّه ويمنعه عن التوفيق ، لتوغّله في العناد (فَلا هادِيَ لَهُ) من بعد الله (وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ) بالرفع على الاستئناف. وقرأ أبو عمرو وعاصم ويعقوب بالياء ، لقوله : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ). وحمزة والكسائي به وبالجزم ، عطفا على محلّ (فَلا هادِيَ لَهُ) ، كأنّه قيل : لا يهده أحد غيره ويذرهم في ضلالتهم.
(يَعْمَهُونَ) يتحيّرون. وهو حال من «هم».
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (١٨٧))
ولمّا تقدّم الوعيد بالساعة سألوا عن وقتها ، فقال سبحانه :
__________________
(١) الكشاف ٢ : ١٨٢ ـ ١٨٣.