ورابحا مرّة وخاسرا أخرى (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ) ما أنا إلّا عبد مرسل للإنذار والبشارة (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فإنّهم المنتفعون بهما. ويجوز أن يكون متعلّقا بالبشير ، ومتعلّق النذير محذوف ، أي : إلّا نذير للكافرين ، وبشير لقوم يؤمنون.
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١٩٣))
ولمّا تقدّم ذكر الله سبحانه ، ذكر عقيبه ما يدلّ على وحدانيّته ، فقال : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) وهو آدم عليهالسلام (وَجَعَلَ مِنْها) من جسدها ، من ضلع من أضلاعها (زَوْجَها) وهي حوّاء (لِيَسْكُنَ إِلَيْها) ليأنس بها ، ويطمئنّ إليها اطمئنان الشيء إلى جزئه أو جنسه. وتذكير الضمير باعتبار معنى النفس ، لتبيين أنّ المراد بها آدم ، ولأنّ الذكر هو الّذي يسكن إلى الأنثى ، وليناسب قوله : (فَلَمَّا تَغَشَّاها) أي : جامعها ، فإنّ التغشّي كناية عن الجماع ، وكذلك الغشيان والإتيان.