روي : أنّهم كانوا يخوّفون الرسول بآلهتهم ، فأمره الله تعالى بقوله : (قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) واستعينوا بهم في عداوتي (ثُمَّ كِيدُونِ) فبالغوا فيما تقدرون عليه من مكروهي أنتم وشركاؤكم (فَلا تُنْظِرُونِ) فلا تمهلوني ، فإنّي لا أبالي بكم ، لوثوقي على ولاية الله تعالى وحفظه.
(إِنَّ وَلِيِّيَ) ناصري وحافظي ودافع شرّكم عنّي (اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ) القرآن (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) أي : ومن عادته تعالى أن يتولّى الصلحاء المطيعين من عباده ، فضلا عن أنبيائه.
ثمّ تمّم التعليل لعدم مبالاته بهم ، فقال : (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) كرّر ذلك لأنّ ما تقدّم فإنّه على وجه التقريع والتوبيخ ، وما ذكره هنا فإنّه على وجه الفرق بين صفة من يجوز له العبادة وصفة من لا يجوز له ، فكأنّه قال : إنّ من أعبده ينصرني ، ومن تعبدونه لا يقدر على نصركم ولا على نصر نفسه (١).
(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠))
ولمّا أمر سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالدعاء إليه وتبليغ رسالته ، علّمه محاسن الأفعال
__________________
(١) سقط من النسخة الخطّية تفسير الآية (١٩٨) كملا ، وإليك تفسيرها باختصار من مجمع البيان : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) يعني : إن دعوتم هؤلاء الذين تعبدونهم من الأصنام (إِلَى الْهُدى) أي : إلى الرشد والمنافع. وقيل : معناه : وإن دعوتم المشركين إلى الدين. (لا يَسْمَعُوا) أي : لا يسمعوا دعاءكم (وَتَراهُمْ) فاتحة أعينهم نحوكم على ما صوّرتموهم عليه من الصور. وقيل : معناه : لا يقبلوا ، ومنه : سمع الله لمن حمده. (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) الحجّة. يعني : مشركي العرب.