يبخلون ويفعلون كذا وكذا أحقّاء بكلّ ملامة ، مستحقّون للعقوبة.
وقيل : الآية نزلت في طائفة من اليهود كانوا يقولون للأنصار تنصّحا : ولا تنفقوا أموالكم ، فإنّا نخشى عليكم الفقر ، ومع ذلك كتموا ما عندهم من العلم بنعت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومبعثه.
والأولى أن تكون هذه الآية عامّة في كلّ من يبخل بأداء ما يجب عليه أداؤه ، ويأمر الناس به ، وعامّة في كلّ من كتم فضلا آتاه الله تعالى ، من العلم وغيره من أنواع النعم الّتي يجب إظهارها ويحرم كتمانها. وقد ورد في الحديث : «إذا أنعم الله على عبد نعمة أحبّ أن يرى أثرها عليه».
(وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) وضع الظاهر فيه موضع المضمر إشعارا بأنّ من هذا شأنه فهو كافر لنعمة الله ، ومن كان كافرا لنعمة الله فله عذاب يهينه ، كما أهان النعمة بالبخل والإخفاء.
(وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً (٣٨) وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً (٣٩))
ثم عطف على «الّذين يبخلون» أو «الكافرين» قوله : (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ). وإنّما شاركهم في الذمّ والوعيد لأنّ البخل والسرف ـ الّذي هو الإنفاق لا على ما ينبغي ـ من حيث إنّهما طرفا إفراط وتفريط سواء في القبح واستجلاب الذمّ.
ويحتمل أن يكون مبتدأ خبره محذوف مدلول عليه بقوله : (وَمَنْ يَكُنِ