وروى زرارة عن أحدهما عليهماالسلام قال : «معناه : إذا كنت خلف إمام تأتمّ به فأنصت ، وسبّح في نفسك».
يعني : فيما لا يجهر الإمام فيه بالقراءة.
(تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) متضرّعا وخائفا (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) ومتكلّما كلاما فوق السرّ ودون الجهر ، لأنّ الإخفاء أدخل في الإخلاص ، وأبعد من الرياء ، وأقرب إلى القبول (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) بالغدوات والعشيّات ، لفضل هذين الوقتين. وقيل : المراد دوام الذكر واتّصاله. (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) عن ذكر الله تعالى ، اللاهين عنه.
ثمّ ذكر سبحانه ما يبعث إلى الذكر ويدعو إليه ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) يعني : ملائكة الملأ الأعلى. والمعنى : عند دنوّ المنزلة والزلفة والقرب من فضل الله ورحمته ، لتوفّرهم على طاعته وابتغاء مرضاته. (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) مع جلالة قدرهم وعلوّ مرتبتهم (وَيُسَبِّحُونَهُ) وينزّهونه عمّا لا يليق به (وَلَهُ يَسْجُدُونَ) ويخصّونه بالسجود والتذلّل ، ولا يشركون به غيره. وهو تعريض بمن عداهم من المكلّفين ، ولهذا شرع السجود لقراءته. وهي أول سجدات القرآن.
واختلف في وجوب سجدة التلاوة عندها واستحبابها ، فعند أبي حنيفة واجبة ، وعند الشافعي سنّة مؤكّدة ، وإليه ذهب أصحابنا. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي فيقول : يا ويله أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنّة ، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار».