(وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا) ولو ثبت قولهم هذا مكان ما قالوه (لَكانَ) قولهم ذلك (خَيْراً لَهُمْ) عاجلا وآجلا (وَأَقْوَمَ) أي : أعدل وأسدّ وأصوب في الكلام. وإنّما يجب حذف الفعل بعد «لو» في مثل ذلك لدلالة «أنّ» عليه ووقوعه موقعه.
(وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ) طردهم وأبعدهم عن رحمته (بِكُفْرِهِمْ) بسبب كفرهم (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) إلّا إيمانا قليلا ضعيفا لا يعبأ به ، وهو الإيمان ببعض الآيات والرسل. ويجوز أن يراد بالقلّة العدم ، لأنّ وقوع القلّة موضع العدم في كلام العرب كثير. أو : إلّا قليلا منهم آمنوا ، أو سيؤمنون. فخرج مخبره سبحانه على وفق خبره ، فلم يؤمن منهم إلّا عبد الله بن سلام وأصحابه ، وهم نفر قليل.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً (٤٧))
ثم خاطب أهل الكتاب بالتخويف والتحذير ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا) صدّقوا (بِما نَزَّلْنا) بما نزّلناه من القرآن وغيره من أحكام الإسلام على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) من التوراة (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً) أي : نمحو آثارها وتخطيط صورها من عين وحاجب وأنف وفم (فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها) فنجعلها على هيئة أدبارها ـ وهي الأقفاء ـ مطموسة مثلها ، أو ننكس وجوها إلى خلف وأقفاها إلى قدّام ، في الدنيا أو في الآخرة.
وأصل الطمس إزالة الأعلام الماثلة. وقد يطلق بمعنى الطّلس (١) في إزالة
__________________
(١) طلس الكتابة طلسا : محاها.