عليها ، ووصفها بزيادة الطاعة والزلفى عند الله.
وقوله : (بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) إيذان بأنّ تزكية الله هي الّتي يعتدّ بها ، دون تزكية المرء نفسه ، لأنّه سبحانه هو العالم بما ينطوي عليه الإنسان من حسن وقبيح ، وقد ذمّهم وزكّى المرتضين من عباده المؤمنين (وَلا يُظْلَمُونَ) لا يظلم الّذين يزكّون أنفسهم بالذمّ أو العقاب على تزكيتهم أنفسهم بغير حقّ (فَتِيلاً) أدنى ظلم وأصغره. وهو الخيط الذي في شقّ النواة ، يضرب به المثل في الحقارة.
(انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) في زعمهم أنّهم أبناء الله وأزكياء عنده (وَكَفى بِهِ) بزعمهم هذا ، أو بالافتراء (إِثْماً مُبِيناً) بيّنا ظاهرا ، لا يخفى كونه مأثما من بين سائر آثامهم.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (٥١) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (٥٢))
روي أنّ حييّ بن أخطب وكعب بن الأشرف خرجا مع جماعة من اليهود إلى مكّة بعد وقعة أحد ليحالفوا قريشا على محاربة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وينقضوا العهد الّذي كان بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فنزل كعب على أبي سفيان ، فأحسن مثواه ، ونزلت اليهود في دور قريش. فقال أهل مكّة : إنّكم أهل الكتاب ومحمّد صاحب الكتاب ، فلا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم ، فإن أردتم أن نخرج معكم فاسجدوا لهذين الصنمين ـ أعني : الجبت والطاغوت ـ وآمنوا بهما حتى نطمئنّ إليكم ، ففعلوا ذلك.