(أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً (٥٣) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (٥٤) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (٥٥))
ولمّا حكى عن اليهود بأنّ المشركين أهدى من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه ، بيّن أنّ الحكم ليس لهم ، إذ الملك ليس لهم ، فقال : (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ) «أم» منقطعة. ومعنى الهمزة إنكار أن يكون لهم حظّ من الملك ، وجحد لما زعمت اليهود من أنّ الملك سيصير إليهم (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) أي : لو كان لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون أحدا ما يوازي نقيرا ، وهو النقرة في ظهر النواة. وهذا هو الإغراق في بيان شحّهم ، فإنّهم إذا كانوا يبخلون بالنقير وهم ملوك فما ظنّك بهم إذا كانوا فقراء أذلّاء متفاقرين؟! و «إذا» إذا وقع بعد الواو والفاء جاز فيه الإلغاء والإعمال ، ولذلك قرئ في الشواذّ : فإذا لا يؤتوا ، على النصب.
(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ) بل أيحسدون الرسول وأصحابه على ما آتاهم الله من النبوّة والنصرة وزيادة العزّ كلّ يوم ، أو العرب أو الناس جميعا ، لأنّ من حسد النبوّة فكأنّما حسد الناس كلّهم ، كمالهم ورشدهم. وبّخهم الله وأنكر عليهم الحسد كما ذمّهم على البخل ، وهما شرّ الرذائل ، وكأنّ بينهما تلازما وتجاذبا (عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) يعني : النبوّة والكتاب ، والنصرة