(حَكِيماً) لا يعاقب إلا من يستحقّ العذاب على وفق حكمته.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا) بكلّ ما يجب الايمان به (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الخالصة (سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) تحت أشجارها وقصورها (الْأَنْهارُ) ماء الأنهار (خالِدِينَ فِيها أَبَداً) قدّم ذكر الكفّار ووعيدهم على ذكر المؤمنين ووعدهم ، لأنّ الكلام فيهم وذكر المؤمنين بالعرض.
(لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) طهرت من الحيض والنفاس ، ومن سائر المعائب والأدناس ، والأخلاق الذميمة والطباع الرديئة ، ولا يفعلن ما يوحش أزواجهنّ ، ولا يوجد فيهنّ ما ينفّر عنهنّ. (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) هو صفة مشتقّة من الظلّ لتأكيده ، كقولهم : شمس شامس ، ويوم أيوم ، وليل أليل ، وداهية دهياء. والمعنى : ندخلهم فينانا (١) لا جوب فيه ، أي : كثير الأفنان منبسطا متّصلا لا فرج فيه ، لشدّة التفاف الأشجار دائما لا تنسخه الشمس. وهو إشارة إلى النعمة التامّة الدائمة.
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (٥٨))
ثم أمر الله سبحانه عباده بردّ الأمانة إلى أهلها ، وبالحكومة على طريق العدالة ، فإنّهما من معظم الأمور الّتي بها تنتظم أمور المعاش ، وبها يحصل الفوز يوم المعاد ، فلذا خصّصه بين الأعمال الصالحة الّتي تثمر الوصول إلى جنّات قد مرّ نعتها آنفا ، فقال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) خطاب عامّ لكلّ أحد من المكلّفين في كلّ أمانة من أمانات الله الّتي هي أوامره ونواهيه ، وأمانات عباده فيما
__________________
(١) أي : ظلّا طويلا ممتدّا. والجوب : جمع جوبة ، وهي الفرجة. والفنن : الغصن المستقيم ، جمعه : أفنان.