الأصول ، دلالة صريحة على العموم ، كما لا يخفى على من له أدنى مسكة.
(وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) أي : يأمركم أن تحكموا بالإنصاف والسويّة إذا قضيتم بين من ينفذ عليه أمركم. ولمّا كان الحكم وظيفة الولاة فالخطاب لهم ، كما بيّنّاه بالروايات الصحيحة المأثورة عن أئمّتنا صلوات الله عليهم. ونظيره قوله : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) (١).
وروي أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعليّ عليهالسلام : «سوّ بين الخصمين في لحظك ولفظك».
وورد في الآثار أن صبيّين ارتفعا إلى الحسن بن عليّ عليهالسلام في خطّ كتباه ، وحكّماه في ذلك ليحكم أيّ الخطّين أجود ، فبصر به عليّ عليهالسلام فقال : «يا بنيّ انظر كيف تحكم ، فإنّ هذا حكم ، والله سائلك عنه يوم القيامة».
(إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) أي : نعم شيئا يعظكم به. فتكون «ما» نكرة منصوبة موصوفة بـ «يعظكم به». أو : نعم الشيء الّذي يعظكم به. فتكون «ما» مرفوعة موصولة به. والمخصوص بالمدح محذوف على كلا التقديرين ، أي : نعم ما يعظكم به ذاك ، أي : المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكومات.
(إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً) بأقوالكم وأحكامكم وما تفعلون في الأمانات.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (٥٩))
ولمّا بدأ سبحانه في الآية المتقدّمة بحثّ الولاة على تأدية حقوق الرعيّة ،
__________________
(١) ص : ٢٦.