النفاق.
ويجوز أن يكون المعنى : وقل لهم في أنفسهم خاليا بهم ليس معهم غيرهم قولا بليغا أثره فيهم ، فإنّ النصح في السرّ أنجع.
أمر الله تعالى نبيّه بالصفح عن ذنوبهم ، والنصح لهم ، والمبالغة فيه بالترغيب والترهيب ، وذلك مقتضى شفقة الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.
وتعليق الظرف بـ «بليغا» على معنى : بليغا في أنفسهم مؤثّرا فيها ، ضعيف ، لأنّ معمول الصفة لا يتقدّم على الموصوف. والقول البليغ في الأصل هو الّذي يطابق مدلوله المقصود به.
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً (٦٤))
ثم لامهم سبحانه على ردّهم أمره ، وذكر أنّ غرضه من البعثة الطاعة ، فقال : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ) أي : لم نرسل رسولا من رسلنا قطّ (إِلَّا لِيُطاعَ) أي : الغرض من الإرسال أن يطاع الرسول ، ويمتثل ما يأمر به (بِإِذْنِ اللهِ) أي : بسبب إذن الله في طاعته ، وأمره المبعوث إليهم بأن يطيعوه ويتّبعوه ، لأنّه مؤدّ عن الله ، فطاعته طاعة الله ، ومعصيته معصية الله. وكأنّه سبحانه احتجّ بذلك على أنّ الّذي لم يرض بحكمه وإن أظهر الإسلام كان كافرا مستحقّ القتل ، فإنّ تقديره : أنّ إرسال الرسول لمّا لم يكن إلّا ليطاع كان من لم يطعه ولم يرض بحكمه لم يقبل رسالته ، ومن كان كذلك كان كافرا مستوجب القتل.
وفيه دلالة على بطلان مذهب المجبّرة القائلين بأنّ الله تعالى يريد أن يعصي أنبياءه قوم ويطيعهم آخرون.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بإدخال الضرر عليها من استحقاق العقاب