منه رشدا ، وأدنى خيرا ومنفعة. ولعلّ النسيان كان خيرا ، كقوله تعالى : (أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) (١) (٢).
(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (٢٥) قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٢٦))
ثمّ أخبر سبحانه عن مقدار مدّة لبثهم ، فقال : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) تسع سنين. يعني : لبثهم فيه أحياء مضروبا على آذانهم هذه المدّة. وهو بيان لما أجمله في قوله : (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) (٣). والمعنى : قل الله أعلم من الّذين اختلفوا منهم مدّة لبثهم ، والحقّ ما أخبرك به.
وعن قتادة : أنّه حكاية أهل الكتاب ، فإنّهم اختلفوا في مدّة لبثهم ، كما اختلفوا في عدّتهم ، فقال بعضهم : ثلاثمائة ، وقال بعضهم : ثلاثمائة وتسع سنين.
وقرأ حمزة والكسائي : ثلاثمائة سنين بالإضافة ، على وضع الجمع موضع الواحد في التمييز ، والأصل ثلاثمائة سنة. ومن لم يضف أبدل السنين من ثلاثمائة. وقوله : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) ردّ عليهم. والمعنى : الله أعلم بلبثهم.
ثمّ ذكر اختصاصه بما غاب عن الناس ، فقال : (لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يعني : له ما غاب فيهما ، وخفي من أحوال أهلهما ، وغيرها ، فلا خلق يخفى عليه
__________________
(١) البقرة : ١٠٦.
(٢) الكهف : ١١.
(٣) البقرة : ١٠٦.