كعكر (١) الزيت ، إذا قرّب إليه سقطت فروة وجهه.
وقيل : هو القيح والدم. وعن الضحّاك : أنّه ماء أسود ، فإنّ جهنّم أسود ماؤها ، أسود شجرها ، أسود أهلها. وقيل : هو كدرديّ (٢) الزيت. وفيه تهكّم على طريقة قوله : فاعتبوا بالصيلم (٣) (يَشْوِي الْوُجُوهَ) إذا قدّم ليشرب انشوى الوجه من فرط حرارته. وهو صفة ثانية لماء ، أو حال من المهل ، أو الضمير في الكاف. (بِئْسَ الشَّرابُ) المهل (وَساءَتْ) النار (مُرْتَفَقاً) متّكأ. وأصل الارتفاق نصب المرفق تحت الخدّ. وهو لمقابلة قوله : وحسنت مرتفقا ، وإلّا فلا ارتفاق لأهل النار ولا اتّكاء.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (٣٠) أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (٣١))
ولمّا تقدّم ذكر الوعيد عقّبه سبحانه بذكر الوعد ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) أي : لا نترك أعمالهم تذهب ضياعا ، بل نجازيهم ونوفّيهم أجورهم من غير بخس.
__________________
(١) العكر من كلّ شيء : خاثره ، أي : الغليظ والثخين منه.
(٢) الدرديّ من الزيت ونحوه : الكدر الراسب في أسفله.
(٣) لبشر بن أبي حازم ، وتمامه :
غضبت تميم أن نقتّل عامرا |
|
يوم النسار فاعتبوا بالصيلم |
أي : أزلنا عتابهم بالصيلم. وهو السيف الكثير القطع.