وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً (٥) ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (٧) عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (٨))
ولمّا تقدّم أمره سبحانه لبني إسرائيل بالتوحيد ، ونهيه إيّاهم عن الشرك ، عقّب ذلك بذكر ما صدر منهم وما جرى عليهم ، تحذيرا للمشركين ، وتسلية لسيّد المرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) وأوحينا إليهم وحيا مقضيّا مبتوتا (فِي الْكِتابِ) في التوراة (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ) لا محالة. جواب قسم محذوف.
ويجوز أن يجري القضاء المبتوت مجرى القسم. والمعنى : وقضينا قضاء مبتوتا جاريا مجرى القسم لتفسدنّ فيها. (مَرَّتَيْنِ) إفسادتين ، أولاهما : مخالفة أحكام التوراة ، وقتل شعيا ، وحبس أرميا. والآخرة : قتل زكريّا ويحيى ، وقصد قتل عيسى. (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) ولتستكبرنّ عن طاعة الله ، أو لتظلمنّ الناس.
(فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) وعد عقاب أولاهما (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا) أي : خلّينا بينهم وبين ما فعلوا ولم نمنعهم ، فهو كقوله : (وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ