يقدر عليها غيره. وهذا تقرير لقوله : (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ). أو ينصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة ، كما نصر فيما فعل بالكافر أخاه المؤمن. ويعضده قوله : (هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً) أي : لأوليائه.
وقرأ حمزة والكسائي «الولاية» بالكسر ، ومعناها السلطان والملك ، أي : هنالك السلطان له لا يغلب ولا يمنع منه ، أو في مثل تلك الحال الشديد يتولّى الله ويؤمن به كلّ مضطرّ ، كقوله : (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١). فيكون تنبيها على أنّ قوله : (يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ) كان عن اضطرار وجزع ممّا دهاه من شؤم كفره. وقيل : «هنا لك» إشارة إلى الآخرة ، كقوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) (٢).
وقرأ حمزة والكسائي «الحقّ» بالرفع ، صفة للولاية. وقرأ حمزة وعاصم «عقبا» بالسكون.
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (٤٥) الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (٤٦))
ثمّ أمر سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يضرب المثل للدنيا ، تزهيدا فيها وترغيبا في الآخرة ، فقال : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا) واذكر لهم ما يشبه الحياة الدنيا في زهرتها وسرعة زوالها ، أو صفتها الغريبة (كَماءٍ) هي كماء. ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا
__________________
(١) العنكبوت : ٦٥.
(٢) غافر : ١٦.