(وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) تصريفها ترديدها من نوع واحد وأنواع مختلفة ليتفكّروا فيها (وَكانَ الْإِنْسانُ) أي : النضر بن الحارث. وقيل : أبيّ بن خلف ، أو جميع الكفّار (أَكْثَرَ شَيْءٍ) يتأتّى منه الجدل (جَدَلاً) خصومة بالباطل.
وانتصابه على التمييز. يعني : جدل الإنسان أكثر من جدل كلّ شيء. ونحوه : (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) (١).
(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا) أي : من الإيمان (إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) وهو الرسول الداعي ، أو القرآن المبين (وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ) ومن الاستغفار من الذنوب (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) إلّا طلب أو انتظار أو تقدير أن تأتيهم سنّة الأوّلين ، وهي الاستئصال ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ) عذاب الآخرة (قُبُلاً) عيانا من حيث يرونه. وتأويله : أنّهم بامتناعهم من الإيمان بمنزلة من يطلب هذا.
وقرأ الكوفيّون بضمّتين. وهو لغة فيه ، أو جمع قبيل بمعنى أنواع. وانتصابه على الحال من الضمير أو العذاب.
(وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً (٥٦) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (٥٧) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨) وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (٥٩))
__________________
(١) يس : ٧٧.