(وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠) فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (٦٢))
قال عليّ بن إبراهيم في تفسيره (١) : لمّا أخبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قريشا بخبر أصحاب الكهف ، وانجرّ الكلام إلى هاهنا ، قالوا : أخبرنا عن العالم الّذي أمر الله تعالى موسى أن يتبعه من هو؟ وكيف تبعه؟ وما قصّته؟ فنزلت : (وَإِذْ قالَ مُوسى) بتقدير : اذكر (لِفَتاهُ) يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهالسلام ، فإنّه كان يخدمه ويصحبه ويتبعه ، ولذلك سمّاه فتاه. وقيل : كان يأخذ منه العلم. وقيل : لعبده. وفي الحديث : ليقل أحدكم فتاي وفتاتي ، ولا يقل : عبدي وأمتي.
(لا أَبْرَحُ) أي : لا أزال أسير ، فحذف الخبر ، لدلالة حاله ـ وهو السفر ـ وقوله : (حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) من حيث أنّه يستدعي ذا غاية ، على الخبر المحذوف.
ويجوز أن يكون أصله : لا يبرح مسيري حتّى أبلغ ، على أنّ «حتّى أبلغ» هو الخبر ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، فانقلب الضمير والفعل عن لفظ الغائب إلى لفظ المتكلّم. وهو وجه لطيف. وأن يكون «لا أبرح» بمعنى : لا أزول عمّا أنا عليه من السير والطلب ، بمعنى : ألزم المسير والطلب ، ولا أفارقه حتّى أبلغ ، فلا يستدعي الخبر.
ومجمع البحرين ملتقى بحري فارس والروم ممّا يلي المشرق ، وعد لقاء الخضر فيه. وقيل : هو طنجة. وقيل : أفريقية. وقيل : البحران موسى وخضر عليهماالسلام ، فإنّ موسى كان
__________________
(١) تفسير على بن إبراهيم ٢ : ٣٧.