(قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي) فإن اقتفيت أثري (فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ) فلا تفاتحني بالسؤال عن شيء أنكرته منّي ، ولم تعلم وجه صحّته (حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) حتّى أبتدئك ببيانه. وقرأ نافع وابن عامر : فلا تسألنّي ، بالنون الثقيلة. وهذا من أدب المتعلّم مع العالم ، والمتبوع مع التابع.
(فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (٧١) قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٢) قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (٧٣))
(فَانْطَلَقا) على الساحل يطلبان السفينة (حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ) قال أهلها : هما من اللصوص ، وأمروهما بالخروج. فقال صاحب السفينة : أرى وجوه الأنبياء. وقيل : عرفوا الخضر فحملوهما بغير نول (١). فلمّا لججوا أخذ الخضر فأسا (خَرَقَها) فخرق السفينة ، بأن قلع لوحين من ألواحها ممّا يلي الماء ، فجعل موسى يسدّ الخرق بثيابه.
(قالَ) منكرا عليه (أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها) فإنّ خرقها سبب لدخول الماء فيها المفضي إلى غرق أهلها. وقرأ حمزة والكسائي : «ليغرق أهلها» على إسناده إلى الأهل.
(لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) أتيت أمرا عظيما ، من : أمر الأمر إذا عظم.
(قالَ أَلَمْ أَقُلْ) حين رغبت في اتّباعي (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) تذكير لما ذكره قبل ، فتذكّر موسى ما بذل له من الشرط.
(قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ) بالّذي نسيته ، أي : غفلته ، من التسليم لك وترك
__________________
(١) أي : بغير أجرة وعطيّة. والنون : العطيّة.