(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٠))
ولمّا أمر بني إسرائيل بالرجوع إلى الطريق المستقيم من التوبة وقبول الإسلام ، بيّن أنّ هذا الكتاب هو الّذي يهدي للأحسن الأقوم ، فقال : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) للحالة أو الطريقة الّتي هي أعدل الحالات ، أو أصوب الطرق وأرشدها وأسدّها (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) وقرأ حمزة والكسائي : ويبشر بالتخفيف.
(وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) عطف على (أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً). فيكون هذا بشارة أخرى لهم. والمعنى : أنّه يبشّر المؤمنين ببشارتين : ثوابهم ، وعقاب أعدائهم. أو عطف على «يبشّر» بإضمار : يخبر.
(وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (١١))
ولمّا تقدّم من بشارة الكفّار بالعذاب ، بيّن عقيبه أنّهم يستعجلون العذاب جهلا وعنادا ، فقال : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ) أي : الكافر بوقوع العذاب الموعود عليه إنكارا واستهزاء. أو المراد جنس الإنسان. والمعنى : ويدعو الله عند غضبه بالشّر على نفسه وأهله وماله ، أو يدعوه بما يحسبه خيرا وهو شرّ. (دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ) مثل دعائه بالخير (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) يتسرّع إلى كلّ ما يخطر بباله ، لا ينظر عاقبته.
وعن ابن عبّاس : أنّ المراد به آدم ، فإنّه لمّا انتهى الروح إلى سرّته أخذ لينهض