فسقط ، فشبّه سبحانه ابن آدم بأبيه في الاستعجال وطلب الشيء قبل وقته.
وقيل : المراد النضر بن الحارث استعجل بالعذاب عنادا ، وقال : اللهمّ انصر خير الحزبين ، اللهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك. فأجيب له ، فضرب عنقه يوم بدر صبرا.
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢))
ثمّ بيّن أنّه أنعم عليهم بوجوه النعم ، كالليل والنهار للاستراحة وكسب الأرزاق ، ونحو ذلك ، وإن لم يشكروه وطلبوا منه ما فيه شرّ لهم ، فقال : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) تدلّان بتعاقبهما على نسق واحد ـ بإمكان غيره ـ على القادر الحكيم (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) أي : أزلنا الآية الّتي هي الليل بالإشراق والإضاءة. والإضافة للتبيين ، كإضافة العدد إلى المعدود. (وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) مضيئة أو مبصرة للناس ، من : أبصره فبصر. أو مبصرا أهله ، كقولهم : أجبن الرجل إذا كان أهله جبناء.
وقيل : الآيتان : القمر والشمس. وتقدير الكلام : وجعلنا نيّري الليل والنهار آيتين ، أو جعلنا الليل والنهار ذوي آيتين. ومحو آية الليل ـ الّتي هي القمر ـ جعلها مظلمة في نفسها مطموسة النور ، أو نقص نورها شيئا فشيئا إلى المحاق. وجعل آية النهار ـ الّتي هي الشمس ـ مبصرة جعلها ذات شعاع تبصر الأشياء بضوئها.
(لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) لتطلبوا في بياض النهار أسباب معاشكم ، وتتوصّلوا به إلى استبانة أعمالكم (وَلِتَعْلَمُوا) باختلافهما أو بحركاتهما (عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) وجنس الحساب ، وآجال الديون ، وغير ذلك من المواقيت. ولو لا ذلك لما