وعن أبي سعيد الخدري : يأتي ناس بأعمال يوم القيامة في العظم كجبال تهامة ، فإذا وزنوها لم تزن شيئا.
وروي في الصحيح أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن جناح بعوضة».
(ذلِكَ) أي : الأمر ذلك الّذي ذكرت ، من حبوط أعمالهم وخسّة قدرهم. وقوله : (جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ) جملة مبيّنة له. ويجوز أن يكون «ذلك» مبتدأ ، والجملة خبره ، والعائد محذوف ، أي : جزاؤهم به. أو «جزاؤهم» بدله ، و «جهنّم» خبره. أو «جزاؤهم» خبره ، و «جهنّم» عطف بيان للخبر. (بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً) أي : بسبب ذلك.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (١٠٧) خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (١٠٨))
ولمّا تقدّم ذكر حال الكافرين ، عقّبه سبحانه بذكر حال المؤمنين ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) فيما سبق من حكم الله ووعده. والفردوس أعلى درجات الجنّة وأفضلها. وأصله البستان الّذي يجمع الكرم والنخيل.
روى عبادة بن الصامت عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «الجنّة مائة درجة ، ما بين كلّ درجتين كما بين السماء والأرض ، الفردوس أعلاها درجة ، منها تفجر أنهار الجنّة الأربعة ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس».
(خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) تحوّلا ، إذ لا يجدون أطيب منها حتّى تنازعهم إليه أنفسهم. ويجوز أن يراد به تأكيد الخلود. وهذه غاية الوصف ، لأنّ الإنسان في الدنيا في أيّ نعيم كان فهو طامح الطرف إلى أرفع منه.