علم أحد حسبان الأوقات ، ولتعطّلت الأمور. (وَكُلَّ شَيْءٍ) تفتقرون إليه في أمر الدين والدنيا (فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) بيّنّاه بيانا غير ملتبس ، وميّزنا كلّ شيء تمييزا بيّنا.
(وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (١٣) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (١٤) مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (١٥))
ولمّا قدّم سبحانه ذكر الوعيد أتبع ذلك بذكر كيفيّته ، فقال : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ) عمله من الخير الّذي عاقبته يمنة ، والشرّ الّذي خاتمته شؤمة. وإنّما قيل للعمل طائر على عادة العرب ، فإنّهم إذا أخذوا في مقصد إن طار طير في أيمانهم يتّخذونه ميمونا ، وإن طار في شمائلهم يتّخذونه مشؤوما. ومثله قوله تعالى : (قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) (١). وقوله : (إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) (٢). وعن ابن عيينة : هو من قولك : طار له سهم إذا خرج. يعني : ألزمناه ما طار من عمله.
(فِي عُنُقِهِ) لزوم الطوق والغلّ في العنق لا ينفكّ عنه ، كما قيل في المثل : تقلّدها طوق الحمامة. وقولهم : الموت في الرقاب. وهذا ربقة في رقبته. وعن الحسن : يا ابن آدم بسطت لك صحيفة إذا بعثت قلّدتها في عنقك.
(وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً) هو صحيفة عمله ، أو نفسه المنتقشة بآثار أعماله ، فإنّ الأفعال الاختياريّة تحدث في النفس أحوالا ، ولهذا يفيد تكريرها لها
__________________
(١) يس : ١٩.
(٢) الأعراف : ١٣١.