تكذيب لهم فيما يصفونه ـ من أنّه ابن الله وأنّه إله ـ على الوجه الأبلغ والطريق الأوضح ، حيث جعله موصوفا بأضداد ما يصفونه.
(قَوْلَ الْحَقِ) خبر محذوف ، أي : هو قول الحقّ الّذي لا ريب فيه. والإضافة للبيان. والضمير للكلام السابق ، أو لتمام القصّة. وقيل : صفة عيسى أو بدل ، أو خبر ثان. ومعناه : كلمة الله.
وإنّما قيل لعيسى «كلمة الله» و «قول الحقّ» لأنّه لم يولد إلّا بكلمة الله وحدها ، وهي قوله : «كن» من غير واسطة أب ، تسمية للمسبّب باسم السبب.
وقرأ عاصم وابن عامر ويعقوب : قول بالنصب ، على أنّه المدح إن فسّر بكلمة الله ، أو مصدر مؤكّد لمضمون الجملة إن أريد قول الثبات والصدق ، كقولك : هو عبد الله حقّا.
(الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) في أمره يشكّون ، من المرية ، وهي الشكّ. أو يتنازعون ، فقالت اليهود : ساحر كذّاب ، وقالت النصارى : ابن الله وثالث ثالثة.
(ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٩))
ثمّ كذّب الله النصارى ، ونزّه ذاته عمّا بهتوه ، فقال : (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ) يعني : ما كان ينبغي لله أن يتّخذه ، أي : ما يصلح له ولا يستقيم ، فإنّ من اتّخذ