روي : أنّ أبيّ بن خلف الجمحي ـ وبرواية ابن عبّاس : الوليد بن المغيرة ـ أخذ عظما باليا فجعل يفتّه بيده ويذريه في الريح ، ويقول : زعم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ الله يبعثنا بعد أن نموت ونكون عظاما مثل هذا ، إنّ هذا شيء لا يكون أبدا. فنزلت : (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ).
قيل : المراد به الجنس بأسره ، فإنّ المقول مقول فيما بينهم وإن لم يقله كلّهم ، كقولك : بنو فلان قتلوا فلانا ، والقاتل واحد منهم. أو المراد بعضهم المعهود ، وهم الكفرة.
(أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) من الأرض ، أو من حال الموت. وتقديم الظرف وإيلاؤه حرف الإنكار ، لأنّ المنكر كون ما بعد الموت وقت الحياة. وانتصابه بفعل دلّ عليه «اخرج» لابه ، لأن ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها ، ولهذا لا يقال : اليوم لزيد قائم.
و «ما» في «أإذا ما» للتأكيد. واللام هنا مخلصة للتوكيد ، مجرّدة عن معنى الحال ، فلهذا ساغ اقترانها بحرف الاستقبال ، كما خلصت الهمزة واللام في «يا الله» للتعويض.
وروي عن ابن ذكوان : «إذا ما متّ» بهمزة واحدة مكسورة على الخبر.
(أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ) عطف على «ويقول». وتوسيط همزة الإنكار بينه وبين العاطف ، مع أنّ الأصل أن يتقدّمهما ويقال : أيقول ذلك ولا يتذكّر ، للدلالة على أنّ المنكر بالذات هو المعطوف ، وأنّ المعطوف عليه إنّما نشأ منه ، فإنّه لو تذكّر وتأمّل (أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) بل كان عدما صرفا لم يقل ذلك ، فإنّه أعجب وأغرب من جمع