(قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (٧٥))
ثمّ بيّن أنّ تمتيعهم استدراج وليس بإكرام ، وإنّما العيار على الفضل والنقص ما يكون في الآخرة ، فقال : (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) فيمدّه ويمهله بطول العمر والتمتّع به.
وإنّما أخرجه على لفظ الأمر إيذانا بوجوب إمهاله ، وأنّه مفعول لا محالة ، كالمأمور به الممتثل ، لأنّه تنقطع معاذير الضالّ ، ويقال له يوم القيامة : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) (١).
أو المعنى : من كان في الضلالة فيمدّ له الرحمن ، على معنى الدعاء عليه ، بأن يمهله الله عزوجل ، ويؤخّره في مدّة حياته خذلانا واستدراجا.
أو المعنى على التهديد ، أي : فليعش ما شاء ، فإنّه لا ينفعه طول عمره ، بل يوجب مزيد عذابه ونكاله.
(حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) غاية المدّ. وقيل : غاية قول الّذين كفروا للّذين آمنوا. والآيتان اعتراض بينهما ، أي : لا يزالون يقولون هذا القول حتّى إذا رأوا ما يوعدون.
ثمّ فصّل الموعود بقوله : (إِمَّا الْعَذابَ) في الدنيا. وهو غلبة المسلمين عليهم ، وتعذيبهم إيّاهم قتلا وأسرا. (وَإِمَّا السَّاعَةَ) وإمّا يوم القيامة ، وما ينالهم فيه
__________________
(١) فاطر : ٣٧.