من الخزي والنكال.
(فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً) من الفريقين ، بأن عاينوا الأمر على عكس ما قدّروه ، وعاد ما متّعوا به خذلانا ووبالا عليهم. وهو جواب الشرط. (وَأَضْعَفُ جُنْداً) أي : فئة وأنصارا وأعوانا. قابل به (خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) من حيث إنّ حسن النادي باجتماع وجوه القوم وأعيانهم وأعوانهم ، وظهور شوكتهم واستظهارهم.
(وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦))
ثمّ بيّن سبحانه حال المؤمنين ، فقال : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) عطف على الشرطيّة المحكيّة بعد القول ، كأنّه لمّا بيّن أنّ إمهال الكافر وتمتيعه بالحياة الدنيا ليس لفضله ، أراد أن يبيّن أنّ قصور حظّ المؤمن منها ليس لنقصه ، بل لأنّ الله عزوجل أراد به ما هو خير له ، وعوّضه منه.
وقيل : عطف على «فليمدد». والآية في معنى الخبر. كأنّه قيل : من كان في الضلالة يزيد الله في ضلاله بالخذلان والتخلية ، ويزيد المقابل له هداية.
(وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ) الطاعات الّتي تبقى عائدتها أبد الآباد في الآخرة.
ويدخل فيها ما قيل من الصلوات الخمس ، والتسبيحات الأربع ، أعني : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر ، وغير ذلك ، كما مرّ في سورة الكهف (١).
(خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً) عائدة ممّا متّع به الكفرة ، من النعم الناقصة الفانية الّتي يفتخرون بها ، ومع ذلك مآل ذلك النعيم الأبدي ، ومآل هذه الحسرة والعذاب الدائم ، كما أشار إليه بقوله : (وَخَيْرٌ مَرَدًّا) مرجعا وعاقبة. أو منفعة. من قولهم : ليس لهذا الأمر مردّ ،
__________________
(١) راجع ص ١١٦ ـ ١١٧ ذيل الآية ٤٦ من سورة الكهف.