(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) ليتعزّزوا بهم ، حيث يكونون لهم وصلة إلى الله ، وشفعاء عنده ، وأنصارا ينقذونهم من العذاب.
(كَلَّا) ردع وإنكار لتعزّزهم بها (سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ) ستجحد الآلهة عبادتهم ، ويقولون : ما عبدتمونا وأنتم كاذبون ، لقوله : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) (١).
أو سينكر الكفّار لسوء عاقبتهم أنّهم عبدوها ، كقوله : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٢).
وقوله : (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) يؤيّد الأوّل ، إذا فسّر الضدّ بضدّ العزّ ، أي : ويكونون عليهم ضدّا لما قصدوه وأرادوه ، كأنّه قيل : ويكونون عليهم ذلّا وهوانا ، لا لهم عزّا.
أو بضدّهم بمعنى. عونهم ، كما يقال : من أضدادكم ، أي : أعوانكم. وسمّي العون ضدّا ، لأنّه يضادّ عدوّك وينافيه بإعانته لك عليه ، أي : أنّها تكون معونة عليهم في عذابهم ، بأن توقد بها نيرانهم ، فإنّهم وقود النار وحصب جهنّم ، ولأنّهم عذّبوا بسبب عبادتها.
أو جعل الواو للكفرة ، أي : يكونون كافرين بهم بعد أن كانوا يعبدونها. وتوحيده لوحدة المعنى الّذي به مضادّتهم ، وهو اتّفاق كلمتهم ، وفرط تضامّهم وتوافقهم ، فهم كشيء واحد. ونظيره قوله عليهالسلام : «وهم يد على من سواهم».
(أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤))
__________________
(١) البقرة : ١٦٦.
(٢) الأنعام : ٢٣.