(وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً (٢٤) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً (٢٥))
ولمّا تقدّم النهي عن الشرك والمعاصي ، عقّبه سبحانه بالأمر بالتوحيد والطاعات ، فقال : (وَقَضى رَبُّكَ) وأمر أمرا مقطوعا به (أَلَّا تَعْبُدُوا) بأن لا تعبدوا (إِلَّا إِيَّاهُ) لأنّ غاية التعظيم لا تحقّ إلا لمن له غاية العظمة ونهاية الإنعام. وهو كالتفصيل لسعي الآخرة.
ويجوز أن تكون «أن» مفسّرة ، و «لا» ناهية. (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) وبأن تحسنوا ، أو وأحسنوا بالوالدين إحسانا ، لأنّهما السبب الظاهر للوجود والتعيّش. ولا يجوز أن تتعلّق الباء بالإحسان ، لأنّ صلة المصدر لا تتقدّم عليه.
(إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ) سنّا (أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما) أصل إمّا «إن» الشرطيّة زيدت عليها «ما» تأكيدا ، ولذلك صحّ لحوق النون المؤكّدة للفعل. و «أحدهما» فاعل «يبلغنّ» ، وبدل على قراءة حمزة والكسائي من ألف «يبلغانّ» الراجع إلى الوالدين.
و «كلاهما» عطف على «أحدهما» فاعلا على الأوّل وبدلا على الثاني. ولا يجوز أن يكون توكيدا للتثنية ، لأنّه لو أريد التأكيد لقيل : كلاهما ، فحسب ، فلمّا قيل : أحدهما أو كلاهما ، علم أنّ التأكيد غير مراد ، فكان بدلا مثل الأوّل.
ومعنى «عندك» أن يكونا في كنفك وكفالتك. وتخصيص حال الكبر ـ وإن كان من